قصة الببغاء الرمادي
أحمد .. هو طالبٌ مُجد ومحبٌ للطيور بشكلٍ كبير ,كان والده يهديه الطيور جائزةً لتفوقه حتى أصبح لديه عاشقاً ومعشوق وكناراً وبلبل وغيرهم وكان يستطيع تمييز صوت كل طائرٍ بدون رؤيته!
وعندما نجح أحمد إلى الصف الأول الإعدادي اصطحبه والده إلى محل الطيور ليختار هديته بنفسه وكان هناك أجمل أنواع الطيور وأغربها ولكن ما لفت نظر أحمد هو قفصٌ فيه ببغاوين ..أحدهما ذو لونٍ أخضر جميلٌ وسمين ذو صوتٍ رائع ويستطيع تقليد هذا وذاك ويرحب بالزبائن ويقوم بحركاتٍ ملفتة للأنظار وكان صاحب المحل يثني عليه بشكلٍ كبير ويطعمه البذور كهديةٍ له..

وأما الببغاء الثاني فكان ببغاءً رمادياً مائلاً للسواد نحيفٌ وذو أرجلٍ منقطة وكان يجلس بهدوءٍ وصمت وذو نظرةٍ متحفزة ولكن أحمد أُعجب به ونظره إليه بحنانٍ واهتمام وأما والده فقد أُعجب بالببغاء الرمادي ولكنه لاحظ التفات ابنه للببغاء الرمادي فسأل صاحب المحل عن مزايا هذا الببغاء وما يستطيع فعله ومع أنه سأله إلا أنه لم يكن ناوياً على شراء ببغاءٍ كئيبٍ مثله.
فقال صاحب المحل :إنه ببغاءٌ غريب ويحيرنا دائماً فهو يحب السخرية من الناس ويضعنا في مواقف حرجة وخسرنا الكثير من الزبائن بسببه ولكن أعتقد بأن فائدته الوحيدة هي اكتشاف اللصوص.. فحالما يدخل لص أو يقترب منه يصيح بـ “لص لصان ,ثلاثة مغارة علي بابا! ” وهكذا ينقذ المحل ولم يعد اللصوص يقتربون منه.
لم يُعجب الوالد بالببغاء الرمادي وراح يفكر بسعر الببغاء الأخضر وكم سيكون جميلاً في الشرفة أو غرفة الجلوس ,ولكن قاطع تفكيره قول أحمد بحزم: يعجبني الببغاء الرمادي وهو ما أريده فقط!
وهكذا اضطر الوالد لشراء الببغاء الرمادي مع قفصه وهكذا اعتاد الببغاء على أحمد وأهله وكان يخرج من القفص إلى الحديقة فيسمع أحاديث الناس وشجاراتهم ويخبر أحمد بكل ما سمعه ومن ثم يخبر العائلة فيضحكون جميعاً.
وكان الببغاء الرمادي يقف كالشرطي يصيح في من يرمي القمامة في الشارع ويصيح في من يقطف الورود ولمن يقف وسط الشارع بين السيارات ولمن يتأخر عن المدرسة ولمن لا يقدم المساعدة للآخرين أيضاً, حتى أنه كان يصيح في من يكثر من المديح ويكرر كلمات لا يعرف أحد كيف استطاع حفظها مثل: حديث فارغ , يا لك من مراوغ ,خنوع , أنت غشاش ,فساد ,جبن ,وغيرهم.
كان أحمد يحب ببغاءه ويسمع كلامه دائماً سعيداً به وكان الببغاء يشجع أحمد ويعلمه ويحميه ومع ذلك فلم يكن الناس معجبين به ويقولون : أسكتوا هذا الثرثار ! ولكن الببغاء لم يهتم واستمر باستمتاعه وتشجعيه لأحمد حتى حل ذلك اليوم .. كان اليوم هو الجمعة وكان يوماً شتائياً بارداً ,تأخر أحمد بالنوم وعندما استيقظ لم يسمع صياح صديقه الببغاء ولا دعاباته فشعر بالقلق ولاحظ حزناً في عيون العائلة ونظر بتساؤلٍ نحوهم فقال والده بحزن: لقد .. رحل الببغاء.
قبل أن ينطق أحمد بكلمة سارع والده بالحديث قائلاً :لا تحزن يا بني ! أستطيع شراء الببغاء الأخضر الجميل ,فهو ببغاءٌ مبهجٌ وسعيد ويستطيع التقليد! ولن يؤذي مشاعر أحد..
فقال أحمد معترضاً :أتريد مني أن أنسى صديقي الببغاء الرمادي بهذه السهولة ؟ لقد ملأ بيتنا سعادةً وكشف الحقائق خلف الأقنعة وعلمني الكثير بسبب صدقه وصراحته ولم أعد بحاجةٍ إلى أي ببغاء!