
قبل الشروع في الكلام على مهارات التدريس والتحفيظ ينبغي لنا أن نعلم فضل ذلك العمل الجليل وصفات من يتصدر لهذا العمل العظيم! وقد ثبت في صحيح البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلّم : ” إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ” .
وقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَما إنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ قالَ :« إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ». رواه الإمام مسلم .
وقال الفضيل بن عياض : ( حامل القرآن حامل راية الإسلام ) .
وقال ابن خلدون: (إن تعليم القرآن من شعار الدين وقد عمل بذلك كثير من السلف الصالح وأتباع المنهج الحق في كل عصر فبالقرآن ترسخ العقيدة في القلوب وبالقرآن يرسخ الإيمان في النفوس).
قال تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) .الآية 32 سورة فاطر. قال عثمان رضي الله عنه : ( كل من تعلم القرآن وعلمه فهو ممن اصطفاه الله من بني أدم ).
قال ابن جماعة رحمه الله: ( وأعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه وأقرب أهله إليه ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ولدينه يلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم ومن بعدهم ولو لم يكن إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى ) .
إن حاجة المجتمع لمعلم القرآن هي كحاجته إلى الماء والهواء! وهما وسيلة بقاء الحياة وقياساً على ذلك فإن المعلم هو وسيلة بقاء حياة العلم ولا يمكن الاستغناء عنه مهما حدث من تطور وتقدم في وسائل العلم والتعلم .

ومن شرف هذا العلم أن تعلم القرآن لا يتم إلا بالتلقي! وكذلك كان الأمر مع النبي صلى الله عليه وسلّم حيث أخذه وهو أفصح الخلق من جبريل عليه السلام مشافهة. وكذلك بلغه لأصحابه وعلمهم إياه مشافهة وليتذكر المجتمع المسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلّم رفع منزلة حملة كتاب الله تعالى فقال : « إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه » حسنه الألباني
وإن هذه الثلة يجب على المجتمع أن يرعاها ويكفلها ويقدرها حق قدرها. ويكفي أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : « إن لله آهلين من خلقه قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : أهل القرآن هم أهل الله وخاصته » صححه الألباني .
الصفات التي ينبغي توفرها في معلم القرآن الكريم من مهارات التدريس والتحفيظ :

- سلامة الاعتقاد:- إن سلامة الاعتقاد مهمة جداً لأن الطلاب يتأثرون تأثيراً كبيراً بمعلمهم! وحين يتأثرون بالعقيدة الصحيحة لدى معلمهم فإن ذلك يحفظهم بإذن الله من الانحراف الفكري والسلوكي والانزلاق في البدع والخرافات .
- ومن الصفات كذلك الإخلاص وصحة المقصد:- فعلى معلم القرآن أن يخلص لله في عمله حتى يوفقه الله عز وجل. وإن أثر المعلم في طلابه على قدر إخلاصه وصلاحه وحسن مقصده .
- حسن الخلق:- ولك أن تعجب حين تعلم أنه إذا فقد المعلم صفة حسن الخلق يفشل العمل التربوي داخل الحلقات والمدارس القرآنية بالكامل! وعن عبد الله بن المبارك في تفسير حسن الخلق قال :
(هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى) .
٤) الصبر على المتعلمين:- ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى :
إن المعلم إذا لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح.
وأما المدرس الغضوب سريع الانفعال فقد لا يستطيع متابعة دوره
التربوي في هذا المجال.
5) ومن صفات المعلم كذلك الرفق بالمتعلمين:- لقد مضت سنة الله أن الناس ينفضون عن الفظ الغليظ القلب! وإن كان ناصحاً لهم محباً حريصاً على نفعهم وقد قال الله لخير خلقهﷺ ﴿ ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك ﴾ الآية 159 سورة آل عمران .
وقال ﷺ :« عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه » .رواه الإمام مسلم .
6) ومن الصفات المهمة الرحمة بالمتعلمين: الرحمة خلق كريم ومن أهم أخلاق معلم القرآن خاصة أثناء مجالس تعليم القرآن الكريم .
وقد قال ﷺ « ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه » صححه الألباني .
والرحمة بالمتعلمين وسيلة فعالة في جذبهم إلى الخير وحصول المراد. وأما الشدة والقسوة في العملية التربوية فإنها تدل على ضعف الشخصية والجهل بأخلاق مهنة التربية والتعليم. وليس المقصود التساهل المطلق أو تجاهل تصحيح الأخطاء بل يكون مؤدِباً برفق ورحمة في حزمٍ وحكمة .
ومن المظاهر التي يحتاج المتعلمين فيها إلى رحمة المعلم:

1) العفو عن المخطئ والحلم عليه وعدم العقاب لكل خطأ .
2) عد السخرية والاستهزاء بأي أحد من المتعلمين .
3) وينبغي أن ينزل المعلم طلابه منزلة أولاده .
4) عدم رفع الصوت عند تصحيح الأخطاء .
٥) مراعاة (القدرات) والفروق الفردية لكل طالب .
وما زال هناك الكثير من مهارات التدريس والتحفيظ التي ينبغي أن يتحلى بها المعلم قبل أن يتصدر لهذا العمل العظيم، وهو تعليم وتحفيظ القرآن الكريم… ونكمل في المرة القادمة إن شاء الله تعالى .
الصفات والمهارات اللازمة لمعلم القرآن الكريم
المهارات التربوية في الحلقات القرآنية والتدريس (الجزء الأول)
المهارات التربوية لمن يقوم بممارسة التحفيظ والتعليم (الجزء الثاني)